أُحبُّ بساطة الأيام

تلفتني مؤخرًا أجواء الفجر في فصل الصيف تحديداً، عندما يلامسني الهواء القادم من نافذة غرفتي فيُنعشني و يبعث فيني شعورًا سعيدًا ،ربّما كتبت هنا و تحدّثت لصديقاتي عن مثل هذه اللحظات لكني في كل مرة أندهش كيف أني أجد في أجواء الفجر الهادئة و نسمات الصباح العليلة جزءًا مني. 
مثل هذا ما يجعلني عندما أُعرّف عن نفسي أقول بأني شخص صباحيّ حقًا . أعيش صباحاتي ببساطة و هدوء ، لا أجدني متكلّفة  ،لا أغرق في أفكاري مثلما أفعل إذا سهرت طوال الليل، أفعل ما أحبه دون تردد، أمارس الهوايات فأكتب الرسائل الورقية و ألوّن و أرسم، أخرج بأفكار - إبداعية أحيانًا😛- لمشروع شخصي، أدرس الدروس التي تتطلب مني التركيز ،و أنتج أكثر في هذه الفترة من اليوم  لأن دافعيّتي تكون أفضل و مزاجي مستقرًا أكثر. 

نقرر أنا و صديقتي أن نلتقي بعد غياب مدة الحجر، فأطلب منها أن نذهب لنشرب شيئاً دافئًا لأنني و بيان نتشارك تفضيل المشروبات الساخنة مهما كان الطقس و أيًا كان الفصل. 

تقترح هي المكان و نرى بعض صوره قبل الذهاب فأقول لها :"شعور الصور على بساطتها و كأننا ذاهبون إلى تركيا😛"
عندما وصلنا تفاجأت قليلاً كوني لم أعتد الذهاب إلى مثل هذه الأماكن في منطقة أزورها لأول مرة رغم قربها من منطقة سكني، أجواء المكان عمومًا ليست من الأجواء التي تريحني و لا أحب أجواء الكافيهات عادة و ضجّة الموسيقى التي تكون أحيانًا. لكن كان يكفيني جلوسي و صديقتي في مكان لا يوجد فيه مدخنين و لا نرى فيه مناظر سيئة.

أثناء اليوم فكرت بأن كيف بوسعي أن أشعر بأنني أعيش حاليًا رحلة من أحلى رحلات حياتي بأقل تكلفة ماديّة ممكنة، بوجود إبريق الشاي ذو الحجم و الشكل الذي أبهرني، و الكؤوس التي لا أشرب في مثلها عادة، بخروجنا للمشي في الطرقات الهادئة و رؤية الألوان في كل مكان حولنا، بوجود صديقة طيبة أشاركها بعض أيامي و تبادلني المشاركة بعفوية و راحة. 

سبحان الله كيف لهذه البساطة أن تبعث فيني شعور السفر إلى مكان وجدت فيه ما أحب و شعرت فيه بالسعادة الغامرة!
أزعم أن في وسع كل منا أن يعيش مثل هذه الأيام و المشاعر بتركيزه على كل ما هو بسيط حوله يحبه و يسعده دون رفع سقف توقعاته فيما يريد أن يعيش في أيامه، أو طلبه ألا يتألم في دنياه. 




شاي كرك في الكأس، و الأعشاب في الإبريق


في تدوينة سابقة شاركت أنني في حزيران سأحاول جعل أيامي أفضل من سابقتها ، و قلت أنني سأشارك بعض مما حصل معي ...لكنني فيما بعد قررت أنني سأكتب عن حزيران في تدوينات متفرقة لأنني أحب أن أكتب عن الأحداث البارزة ببعض التفاصيل. 

لكنّي عمومًا نفّذت قرار المشي و قرار تناول الفطور في أغلب الأيام الحمدلله، و في كل الفرص التي صحّت لي للخروج خرجت لرؤية الناس كما أنه كان هناك الكثير من الزيارات العائلية و كنت حاضرة فيها جميعها 😁🎉

بعد أيام قليلة من بداية الشهر قررت التخلص من عبء تخطيطي الذي لا يجدي ، و وجدت أن ما يريحني أن تسير أيامي بالتخطيط  لأوقات معينة من اليوم و في اليوم نفسه كفترة الصباح و فترة المساء و باقي اليوم يسير بتلقائية لأني مهما خططت و مهما فعلت بالنهاية أنا لا أعرف ما الذي من الممكن أن يطرأ لي فجأة. كما أنني أريد أن أتعلم كيف أخطط ليومي كما يناسبني أنا لأني لا أعرف بصراحة 😅

أيامي في حزيران كانت بحمد الله جيدة تخلّلتها بعض المشاكل التي لا تخلو منها حياة أي إنسان، تعبت صحتي، فقدت بعض ما أحبه، حزنت و ضعفت، تأمّلت، سعدت، قويت، و عشت بالنهاية!

عشت أيامي بطبيعتي كبشر، لم أطلب من نفسي التقيد بأمور غير واقعية و مثالية لا أمل منها، لا يستطيع أي شخص كان على وجه هذه الأرض أن يتحكم بمجريات حياته كلها و أبقى أذكّر نفسي بأنني أضعف من القدرة على فعل ذلك . 
حاولت أن أكون منجزة في غالب الأيام، صحيح أنني لم أحقق ذلك في الكثير لكن تكفيني بعض إنجازاتي الصغيرة التي قطفتها من هنا و هناك و وضعتها في داخلي لتذكّرني أنني أستطيع أن أحيا حياة طيبة، بسيطة و سعيدة بما هو متاح لي و بالأعمال القليلة التي أجيدها، و بأني مع الوقت أستطيع أن أتعلم . و أنني مهما عايشت و مهما كان حالي فأنا في رعاية الله ما حييت. 


مما ساعدني على تتبع إنجازاتي الصغيرة / البسيطة هو أوراق من تصميم صديقتي تسنيم كانت توزعها في بداية كل فصل دراسي جامعي و قبل ذلك ساعدتني فكرة تقسيم الورقة لأربعة أسابيع و كتابة ما أفعله مهما كان بسيطًا باقتراح منها أيضًا، صدمت أكثر من مرة أنني أنجز في يومي الكثير لكنني كنت غير مدركة لذلك و غافلة عنه لأنني أريد أكثر ، كانت تلك الفترة هي المرة الأولى التي أشعر بأهمية الكتابة و التوثيق لأني غالبًا ما أتساءل : ما أهمية الكتابة على ورق؟ 

أستطيع أن أقول أني وجدت أهمية التفريغ على ورق حديثًا لكنني لا أستطيع تطبيقها دائمًا و لا زلت أتدرب ، بالعودة إلى الأوراق الخاصة بالمباهج و الإنجازات عند كتابتها أرى إنجازاتي بوضوح أكبر، يترتب ما في رأسي قليلاً و أفرغ جزءًا لا بأس به منه، أصبحت أكثر تقديرًا لنفسي و ما أفعل ، صحيح أنني في مرات أقع و أحبط لكن لا بأس ما زلت أتعثر و أتعلم ،حتى أن هذا يعطي حياتي معناها ...طالما أنني أحاول و أخطىء يعني أنني في سعي مستمر و لم أتوقف ، الحمدلله :)



وجدت أن أكثر أيامي بهجة و راحة هي ما كانت تمضي ببساطة و دون تفكير مفرط بكل خطوة أريد أن أخطوها في يومي أو فيما بعده . أحب أننا نستطيع أن نعيش بساطة الحياة مهما كانت ظروفنا، مهما اشتدت المشاكل، حتى أنه عند رضانا و قبولنا لكل ما هو بسيط سنتخفّف من الكثير مما يقلقنا و نسعد بالقليل الذي فيه الخير الكثير . 


تعليقات

  1. ما ألطفك يا نسرينة 🧡

    ردحذف
    الردود
    1. شكرًا أسماء 🌸
      دمتِ بخير يا رب

      حذف
    2. تعبيراتك جميلة جداً، وحروفك تصف مقدار سعادتك بما عشته من بساطة تلك اللحظات الجميلة.. جميلة أنت يا نسرين ♥

      حذف
    3. ممتنة لقراءتك حنين🌸
      و أنتِ جميلة أيضًا 😁❤️
      شكرًا :')

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة