من هنا و هناك

قبل ساعات كنت أقوم بترتيب بعض الحاجيات في غرفتي، شعرت ببعض البرودة في جسدي رغم أنني أرتدي ملابس جيدة تشعرني بالدفء، فتحت خزانتي و أردت أخذ شيء أرتديه على عجل، وقعت عيني على شال شتوي كنت ألبسه في آخر عام دراسي لي في المدرسة.
أحب هذا الشال و لي ذكريات كثيرة معه، أحب أيامي به و رأي صديقاتي عندما أرتديه❤️
أتذكر أنني تجنبت هذا الشال كثيراً العام الماضي و بأنني كنت أهرب من أي أمر يثير في نفسي الذكريات.

اليوم وضعته على كتفي و شعرت بأنني رجعت عامين للوراء، تذكرت كيف أنني كنت سعيدة به و بزخرفته و كم كنت أحب الدفء الذي أحصل عليه عند ارتدائه خصوصًا في أيام تقديم الإمتحانات.
شعرت ببعض الضيق لتذكر أشياء كثيرة أخرى لكنني لم أسمح للشعور بأن يستمر، لاحظت بأن الذكريات تؤلمني أحياناً لكنها أيضاً تعطيني شعوراً جيداً و لو بمقدارٍ ضئيل و لو كان يحتاج مني الكثير من التركيز حتى أدركه، بالنهاية هو موجود!
شعرت بأنني أتصالح مع هذا الشال و بأنني أريده في أيامي هذه أيضًا علّني أعيش معه لحظات و مشاعر جديدة :')
أخذت أفكر بكيف لو أنني أعمل هذا الشتاء على التصالح مع ذكرياتي كما التصالح مع الأشياء و بكم أن هذا سيعود عليّ بأمر حميد!
يبقى السؤال الذي يرن في رأسي ...هل سأستطيع في يومٍ تدفئة داخلي أيضاً؟
______

في فترة قريبة جداً مرضت و بقيت طريحة الفراش لأيام،
في اليوم الثاني من تعبي ساءت حالتي و اضطررت لزيارة المشفى بعد فقداني للوعي و وقوعي فجأة.
في الليلة التي تليها شعرت بكم أنني متعبة و ضعيفة، أخذت أحاول تعداد نعم الله علي و ألطافه التي تحيطني ،في الحقيقة خطر لي الكثير . أدركت أيضاً أنني لن أستطيع حصرها. كان هذا أمراً جيداً فعلته لأنني كنت في حالة نفسية سيئة جداً اتجاه ما أمر به.

من ألطاف الله المنتشرة حولنا هذه الزهرة 

من الأشياء التي خطرت لي أثناء بقائي في السرير أيضاً "الموت" و تساءلت في نفسي كثيراً بأن هل أنا مستعدة له؟

شعرت بلطف الله بي و بكل ساعة بل بكل ثانية أعيشها، و برحمته التي تغمرني ،و بأنه يعطيني الوقت و يُمهلني علّي أتوب.
______

قبل مدة قمت بكتابة رسالة ورقية لصديقتي، بعد كتابتها و قراءة ما فيها ذُهلت بسبب ما كتبت!
لم يكن بسبب الأسلوب أو استخدامي للمفردات فقد كان كل هذا عادياً جداً إنما ذهولي كان بسبب المحتوى . سعدت و شعرت بأنني صادقة فيما كتبت و شعور الصدق هو أحب المشاعر على قلبي❤️
شعرت بالإنجاز عند كتابتها ...أحب كتابة مثل هذه الرسائل، و أحب الرسائل التي نكتبها و تخبرنا عن أنفسنا و ضعفنا الكثير.

______

بجانب باب الجامعة يجلس رجل مُسِن بشوش الوجه و أمامه طاولة صغيرة عليها بعض السكاكر المغلفة، كلما مررت من أمامه أشتري لأختي أو لصديقاتي و من يحبون بعض هذه السكاكر فيقول بكل طيبة قلب : "صحتين عمو :) " ، في آخر مرة زرته فيها قلت بعفوية و أنا أبتسم :" الواحد بربع دينار صح! كل مرة برجع بسأل هههه!" يرد: " عادي، السؤال حلال" ...دخلت الجامعة و بقيت الجملة عالقة في رأسي، كم نظن في أحيان بأنه لا يحق لنا السؤال عن أمر ما - عاديّ- أو أننا لا نسأل خوفاً من الحرج أو أشياء أخرى ،كرفع اليد لطلب سؤال في المحاضرة مثلاً ...كم يصعب علينا أحياناً سؤال الآخرين و طلب ما نحتاج أصلاً! من حقنا أن نسأل لأننا بشر نطلب السؤال و المساعدة، لماذا إذاً نظلم أنفسنا و ننسى بأن" السؤال حلال"؟
______

قبل شهر تقريباً ماتت ثلاثة من نباتاتي في وقت واحد، شعرت بالأسى كثيراً لدرجة أنه بدا عليّ ذلك في يومٍ في الجامعة إذ سألتني صديقة عن حالي و بأنه يبدو عليّ الحزن لأمر ما، أخبرتها أني حزينة لفقدان نباتاتي التي أحب و بأنني أشعر و كأني فقدت عزيزًا!
لم تهزأ بما قلت، و لم تستنكر شعوري ...بل تقبلته و احتوته، و أنا شاكرة لذلك الموقف و ممتنة.

بعدها بأيام و في محاولة لتجاوز مشاعري اتجاه الأمر، حاولت التفكير بطريقة أخرى ، سرحت بتفكيري إلى أن وصلت إلى أنه من المفترض أنني عندما اشتريت تلك النباتات كنت مدركة أنها في أي لحظة ستموت و بأنني سأفقدها! تماماً كما أنني مُعرّضة لفقدان أي شخص أو أن أي شخص معرض لفقدي!
بالنهاية حياتنا هنا مؤقتة و ستزول! ستزول كل الكائنات الحية! و ستزول كل الجمادات و كل كل الأشياء!

هنا الفكرة ...أن الدنيا عابرة بكل ما فيها من جمالٍ و سوء.

صورة تعبر عن علاقتي مع النباتات p:

_______

أكتب هذا هنا لأجلي أولاً
و من ثم لأجل الداعمة الأولى للمدونة ...تسنيم❤️