مكان أحبُّه !

في إحدى صباحات هذه الأيام كنت جالسة على كرسي المكتب لا أفعل شيئاً سوى أني أتأمل فيما حولي ، شعرت بأنني سعيدة لوجودي الآن في غرفتي ، هذا المكان الذي يحتويني مهما كان حالي ، في مرضي و تعبي ، في سعادتي ، في الليالي الطويلة التي أجلس لأنتظر أن تنتهي ...أفكر بأول مرة أصبح عندي غرفة خاصة بي ، كنت في التاسعة من عمري، أضع أغراضي في الرفوف و أصفها واحدة تلو الأخرى و أكاد أطير فرحاً لأنني أصبحت أملك شيئاً خاصاً بي أديره كيفما أشاء... ربما شعوري حينها أستطيع أن أسميه شعور "السيطرة" 😜

بعد ذلك جاءت أختي التي تصغرني بعشر سنوات و نصف تقريباً فأصبحت الغرفة مشتركة ...الآن عندما أنظر للغرفة الصغيرة أرى بوضوح أنها تقسم لنصفين :نصف المكان طفوليّ و النصف الآخر لإنسان ناضج😛
أحياناً أنزعج لوجود من يُقاسمني غرفتي خصوصاً و أنني أقضي معظم وقتي فيها، و يصعب عليّ تقبّل وجود أحدهم معي أثناء قيامي بمهمات عديدة أو حتى أثناء جلوسي فقط . كلما كبرت أختي أشعر بأن الأمر يصعب أكثر لأنها تعاندني في كثير من الأوقات، أحياناً انزعاجي يكون مبالغاً به و لا أتعامل معه بشكل جيد و أحياناً أنتبه له فأجاهد انزعاجي و أحاول إعطاءها حقها في امتلاكها للغرفة أيضاً و أنه لا بأس بالتضحية في بعض الأحيان ...في الحقيقة تكون هذه رسالة لي كلما فكرت بالأمر و غبطت من كانت تملك غرفة وحدها... أن الأمور لا تجري كما نشتهي دائماً و هذا الذي لديّ و أنا مضطرة للتكيف مع الأمر و الخروج منه بأقل الخسائر p: .

لا أتفق أنا و أختي كثيراً لفرق العمر الذي بيننا ، تقول لي أمي بأنها عندما تكبر ربما نتفق أكثر و تقوى علاقتنا، أحاول إيجاد نقاط مشتركة بيننا و تقويتها فأدعوها للتلوين معي أو نشترك في فقرة تحضير الهدايا للأصدقاء ، أحب أختي و أسعد كلما شعرت بقربها مني -و هذا قليل- ربما لقربها من أمي أكثر و ربما لأني أختاً كبرى صارمة في معظم الأحيان . من نِعم الله عليّ وجودها ، فهي التي تعطي منزلنا البهجة بروحها المَرِحة و طفولتها البريئة ...بألوان أشيائها الورديّة و الدمى المحشوّة على سريرها . بكل كلمة خرجت منها و لامست قلبي و تركت أثراً جميلاً أو علّمتني . رضي الله عنها و أسعدها في الدنيا و الآخرة 💕

الصورة من Pinterest

ألتفت لأنظر لمكتبي العزيز، هذا الجزء هو مساحتي الآمنة، مكتبي الذي تتلوّن أغطيته بتلوّن الفصول . هذا المكان شاركته أفكاري، مشاعري ،و كل ما خطّته يديّ أو صنعته. في كل شهر تقريباً أصنع واجهة مكتب مختلفة، أعيد ترتيب الأشياء و ألوانها، أتخلص من بعضها و أضيف أخرى.
في الصيف و تحديداً في وقت الشروق أحب تأمل جهة المكتب لأن أشعة الشمس - التي لا تدخل غرفتي- تُلامس الشُّرفة في هذا الوقت من العام ، الشمس التي تلامس أشعتها قلبي قبل أي شيء آخر.


أنظر للسرير ...هذا المكان الدافىء و المريح ،المكان الذي يكون جزءاً من كل يوم ،الذي عشت معه كافة مشاعري، الأيام التي تحمست فيها لشيء ما فبقيت و أنا عليه أتخيل ما سيحصل في اليوم التالي و سعادتي فيه ، و الأيام التي قلقت فيها لدرجة أن خُيّل اليّ أن سقف الغرفة سيقع عليّ فأضع لحافي و أغطي وجهي و كأني بذلك قد نجوت ،و في أيام احتواني لتعبي الشديد الذي لا يُمكّنني من مغادرة سريري، و صباحات الدراسة الباردة جداً الذي يناديني فيها السرير ليمنحني بعضاً من دفئه 😛

أنظر للنباتات في الغرفة ...و التي تزيدها بهجة و تزيدني حباً ،أصدقائي الذين آنس بوجودهم ،أحب الاعتناء بهم و رفقتهم في أيامي، أذكر في مرحلة ما أنني كنت أتحدث إليهم في مواضيع عديدة منها السخيف و منها الجاد و في نهاية حديثي أشكرهم لسماعهم و أشعر بطبطبتهم عليّ - أو أواسي نفسي بذلك - 😂، أحب جملة كتبتها إحداهن في ذكرى ميلادها مرة بعد إحضارها لشتلة : "و أنا امتناناً للحياة أرعى حياة ". و أنا ممتنة لله على كل جميل خلقه :')



أنظر لرفّ الكتب ،و أتذكر أول أيامي في القراءة و كيف بدأت بتجميع الكتب و الروايات المختلفة و قراءتها بنهم😋  كنت أقول في كل اجتماع للصديقات حينها و أنا سعيدة: لديّ مكتبة صغيرة عزيزة على قلبي.


أحب غرفتي بكل ما احتوته، برفوفها و ما عليها من الشموع و رائحتها العطرة، أحبها بألوانها الزاهية و المنعشة، أحب مساحتي الصغيرة ...الكبيرة في داخلي كبر الفضاء♥️













تعليقات

  1. أستطيع أن أقول أني وقعت بحب غرفتك و أنا لم أراها بعد !
    سبحان الله كيف للأماكن أن تحتوينا بهذا الشكل :")

    ردحذف
    الردود
    1. ما أحلاكِ😍
      أنتظر زيارتك على خير إن شاء الله🎉❤️❤️

      الحمدلله على كل مكان نشعر بأنه يحتوينا :')

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة