أن أكون أنا

طلبت منا مرة معلمتنا في الثانوية أن نجلس على شكل حلقة على الأرض و نلعب لعبة، كانت اللعبة هي أن نقوم بلفّ زجاجة ماء فارغة في وسط الحلقة و من يقابلها رأس الزجاجة تقوم بالتحدث عن الفتاة المقابلة لطرف الزجاجة الأخرى ...تتحدث عن شيء تحبه فيها، عن شيء لاحظته و اعتقدت بأنه يُميّز تلك الفتاة، أو أن تقول شيئاً تريد أن توصله للطرف الآخر بشرط عدم التجريح :)
وقع الاختيار عليّ مع معلمتي و تحدثت هي عني، قالت بأنها تُحِب منشوراتي و ما أشاركه على الفيسبوك و بأنه جميل و يُعبر عن جزء مني، و قالت أيضاً بأنها تشعر أني مليئة بالأفكار و المشاعر لكني لا أظهر إلا القليل مني مع الناس حين أتحدث أو حين أجلس معهم . و بأنها تود لو أظهر نفسي أكثر ...علق في بالي حينها كأن و بداخلي كنز و من الصعب الحصول عليه 😛

أوافق معلمتي في أني قليلة التعبير عن نفسي و ما فيها سواء كان حسناً أو سيئاً خصوصاً في مرحلة المدرسة، لكن الآن أشعر أن الأمر تحسَّن الحمدلله  و ذلك لأسباب عديدة ،منها أنني أريد حصول ذلك و منها أن بعض من حولي ساعدوني بأن أكون أنا بكل ما فيّ! :'')

أدركت في فترة قريبة أن عدم تعبيري عن نفسي و مشاركتي الآخرين يكون بسبب الخوف و ليس بسبب أني لا أعرف كيف أعبر ...الخوف من عدم قبولي، الخوف من أن أؤذي أحدهم أو أتأذى أنا، أو بأنه لا يحق لي التعبير عما بداخلي و ربما كانت هذه الفكرة بسبب النشأة .. في أكثر من مرة عندما شاركت أحدهم أمراً يصعب علي مشاركته رغم أنه عادي بقيت لأيام أجلد نفسي على ذلك، عندما أفكر الآن أقول بأنه لا ضرر بالمشاركة! و أن الأمور متضخمة فقط في رأسي و لا داعي لجعلها تؤول للسوء دائماً . و أنه من اللازم أن أتعرض للرفض و أن يُقال لي : "لا" لأنمو و أتعلّم.

ماذا لو كان بالمشاركة ما هو نافع للطرف الآخر و أجهل ذلك؟
ماذا لو كانت المشاركة تخفيفاً عن نفسي و ما يُثقل عليها؟
ماذا لو ساعدتني لأعرف نفسي أكثر؟
ماذا لو كانت مفتاحاً للكثير!

بالنسبة لمشاركة الأفكار و المشاعر السيئة
حسنا هذا هو الجزء الأصعب و اعتقد بأنه صعب على الكثيرين منا، فليس من السهل مشاركة الضعف!
و أعتقد بأني منذ سنوات قطعت شوطاً لا بأس به فيه، صحيح أني أحياناً أشعر بالندم على مشاركتي لكن هذا الشعور ليس دائماً في محله، يكون الندم في أحيان حقيقياً و في أحيان أخرى مجرد شعور عابر نتيجة أفكار كثيرة غير واقعية و لا محل لها من الصحة، في الواقع أنا لم أندم ندماً حقيقياً على مشاركتي في أي مرة من المرات لكن الشعور لازمني مؤقتاً و عندما عدلت بعض الأفكار عن الأمر انفكّ عني 😁
في كل مرة أشارك ضعفي رغم صعوبة الأمر عليّ أشعر بإنجاز حقيقي ، مرة كنت أقول لصديقتي بأن إظهارك لضعفك يجعلني أدرك بأنكِ إنسان أكثر و أنا أحب ذلك، و هذا يعطيني شعور القرب😛.
أن تشارك ضعفك يعني أن تبدو صادقاً أكثر عن نفسك، متقبلاً أكثر لها، متفهماً إنسانيتك و نقصك و حاجتك.

 أما مشاركة الأفكار و المشاعر الجيدة 
أظن أني بارعة في هذا الجزء أو أني أصبحت بارعة حديثاً فيه😛، أتذكر مرة في الصف العاشر جلست مع زميلتي على درج المدرسة و تحدثنا في مواضيع عدة كان ضمن الحوار قولها لي - بما معناه- : نسرين ، أشعر بأن فيك خيراً كثيراً و أنك شخص غير عادي - و أنا أختلف معها على هذه الجملة " شخص غير عادي" و لا أحب مثل هذه الشعارات الرنّانّة التي لا تعني شيئاً حقيقياً - أظهري نفسك أكثر، شاركي هواياتك و مواهبك،
استغلي كل نشاط أنت قادرة على المشاركة فيه و ترين في نفسك أنك تستطيعين تقديم شيء ما و لا تخافي أو تترددي لأن غالب خوفك و أفكارك غير حقيقية!
بصراحة صديقتي هذه ساعدتني كثيراً في الأعوام الثلاث الأخيرة في المدرسة  بالتعبير عن نفسي أكثر و مشاركة من حولي ما أحبه و يسعدني، أو ما أنا بارعة فيه حقاً ...و أنا شاكرة لها أثرها فيّ :')
كنت أظن بأنه لا داعي لمشاركة حتى هذه الأشياء عني و بأن مشاركتها لن تقدم شيئاً لي و للآخرين، و لأسباب كثيرة أخرى منها أني كنت أصلاً لا أقدّر قيمة أي شيء أفعله و بأني دائماً أريد حصول أشياء كبيرة لكني كنت مخطئة حقاً في هذا، عندما بدأت التعبير عن نفسي أكثر شعرت بأني بدأت أعرف نفسي و أُعرّف الآخرين عليها.

قررت هذا الشهر أن هدفي لهذا العام هو أن أكون أنا بكل ما في نسرين من حَسنات و سيئات، أن تشارك الآخرين عنها و عن آرائها و مشاعرها و أفكارها بعفوية و شفافية و صدق أكثر، أن تسعى لتصير أفضل قدر استطاعتها و بما يرضي الله لا بما يرضي الناس من حولها!
أن تسمح لنفسها بالخطأ، أن تسمح لنفسها بالتعلم
أن تسمح لنفسها أن تكون إنساناً أكثر :)
________

في كل مرة أشعر بأني أحتاج الكتابة هنا أفتح صفحة جديدة و أغلقها بعد دقائق لأنني أتردد، أحياناً بسبب الخوف الذي تحدثت عنه في بداية التدوينة خصوصاً و أن مجتمع المدونة كبر، و أحياناً أشعر بأن مشاركتي ستكون مملة لمن يقرأ أو أنها لن تفيده في شيء.
أقول لنفسي أن مشاركتي هنا هي لأجلي أولاً و ليس الهدف منها إسعاد شخص ما او إفادته حتى، و إن حدث ذلك فأكون سعيدة بهذا طبعاً، لكن لا بأس بأن تكون مشاركة من باب المشاركة فقط 😛
أنا حقاً شاكرة لكل من يفتح صفحات مدونتي و يقرأ ما أكتب حتى نهايته، و أعتذر له إن كان يبحث عن شيء يفيده و لم يجد، لكن رغم ذلك هل يمكنني أن أقول بأن قراءة بعض يوميات و أفكار و مشاعر الآخرين تفتح باباً عليّ لأعرف نفسي أكثر؟
آمل لكم ذلك حقاً ! :)


تعليقات

  1. يختي محلااااااكِ..بحب طريقة تعبيرك❤️❤️❤️❤️

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة